التحكيم التجاري: الوسيلة المثلى لفض المنازعات محليًا ودوليًا

هل تعلم أن التحكيم يُعد من أنجح الوسائل البديلة لتسوية النزاعات؟ في عالم يتسارع فيه إيقاع الأعمال وتتوسع فيه التجارة الدولية، أصبح اللجوء إلى التحكيم خيارًا استراتيجيًا للجهات التجارية والمالية لتسوية خلافاتها بعيدًا عن بطء إجراءات القضاء التقليدي.

ما هو التحكيم التجاري؟

التحكيم هو إجراء قانوني يتم خارج نطاق المحاكم الرسمية، يُمكّن الأطراف المتنازعة من الاتفاق على إحالة نزاعهم إلى طرف محايد (محكّم أو هيئة تحكيم) للفصل فيه بقرار نهائي وملزم. يُستخدم التحكيم على نطاق واسع في العقود التجارية، وخصوصًا عبر الحدود، لما يتميز به من مرونة وسرية وسرعة.

الأساس القانوني للتحكيم

يقوم التحكيم على مبدأ الرضائية، أي أن الأطراف تختار بإرادتها الحرة أن تلجأ إليه بدلاً من القضاء. ويتم الاتفاق على التحكيم من خلال:

  • شرط تحكيم ضمن العقد التجاري الأصلي.
  • أو مشارطة تحكيم مستقلة يتم توقيعها لاحقًا عند نشوء النزاع.

مزايا التحكيم

  • المرونة في الإجراءات وتحديد مكان التحكيم والقانون الواجب التطبيق.
  • السرعة مقارنة بالقضاء العادي.
  • الخصوصية والسرية في الإجراءات.
  • التنفيذ الدولي عبر اتفاقية نيويورك 1958 التي اعترفت بأحكام التحكيم في أكثر من 170 دولة.
  • إمكانية اختيار المحكّمين ذوي الخبرة في المجال المتنازع عليه.

أنواع التحكيم

التحكيم المؤسسي

وهو التحكيم الذي يتم تحت إشراف مؤسسة تحكيم متخصصة مثل:

  • مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA).
  • مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي.
  • المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA).

تتميز هذه المراكز بوضع قواعد واضحة مثل قواعد الأونسيترال، وتوفير الدعم الإداري، وتحديد أتعاب المحكّمين مسبقًا، وتنظيم سداد الرسوم.

التحكيم الحر (غير المؤسسي)

وفيه يتم الاتفاق مباشرة بين الأطراف على المحكمين والقواعد المنظمة للتحكيم، دون الرجوع إلى مؤسسة. يتميز بالمرونة لكنه يتطلب وعيًا قانونيًا عاليًا لإدارة الإجراءات.

التحكيم في السعودية

شهد التحكيم في المملكة العربية السعودية تطورًا تشريعيًا هامًا من خلال نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/34 لسنة 1433هـ، والذي انسجم مع أفضل الممارسات الدولية. ومن أبرز ملامحه:

أمثلة على قضايا يتم حلها عبر التحكيم

  • نزاعات عقود المقاولات.
  • خلافات في المشاريع المشتركة (JV).
  • نزاعات الامتياز التجاري.
  • خلافات في عقود الخدمات أو التوريد.

متى يكون التحكيم غير مناسب؟

رغم فوائده، قد لا يكون التحكيم مناسبًا في حالات مثل:

  • عقود العمل الفردية.
  • القضايا الجنائية أو الأحوال الشخصية.
  • الخلافات التي تتطلب سلطات تنفيذية لا يملكها المحكّم.

التحكيم الإلكتروني

مع تطور التكنولوجيا، ظهرت منصات التحكيم الإلكتروني التي تسمح بتقديم الطلبات والمرافعات عبر الإنترنت، مما يختصر الوقت ويقلل التكلفة.

الختام: التحكيم وسيلة ذكية وعالمية لفض المنازعات

سواء كنت شركة ناشئة أو مستثمرًا دوليًا، فإن إدراج شرط التحكيم في عقودك يمثل درعًا وقائيًا ضد النزاعات المستقبلية، ويمنحك وسيلة عادلة وسريعة وفعالة للحفاظ على حقوقك.


المصدر الرابط
اتفاقية نيويورك (1958) uncitral.un.org
قواعد الأونسيترال uncitral.un.org
مركز القاهرة للتحكيم التجاري (CRCICA) crcica.org
المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA) sadr.org